يا هملالي ويا خيلائي أنا عربي ...!!! بقلم الاعلامي : احمد خالد المعايطة



يا هملالي ويا خيلائي أنا عربي ...!!! بقلم الاعلامي : احمد خالد المعايطة
تاريخ النشر : 2005-11-18  تم النشر في صحيفة دنيا الوطن 

هذا العنوان مستوحى من مقالات بعض الدعاة للانسلاخ عن الأمة العربية والإسلامية وتاريخهما العظيم .

إن الطفل العربي عندما يولد تولد معه صفات عربية أصيلة ( الأنفة والأباء والعزة والفخر والسخاء ... الخ) ، وهذا أمر تحدث به علماء النفس الغربيون ، وقالوا انهم يستطيعون معرفة الناس وسلوكهم المستقبلي من خلال ملامح وجوههم عندما يولدون ، وهذه الصفات العربية لا تشترى ولا تباع ،ولكن هي صفات تولد مع الناس ، وهي ملازمه للأعراق البشرية وكل له صفاته الخاصة به.

فأن أكون عربي فقير احلم بركوب حمار اجرب ، ولا املك من الدنيا إلا بعير ، واجلس على جاعد العز والفخار ، خير من أن أكون عربي غني واخجل من عروبتي ، وانسلخ منها مثلما تنسلخ الأفعى من ثوبها البالي، وأتعلق بأذيال وأسمال الأمم الأخرى، أتجرع الذل والهوان مع كل كأس ( كوكتيل ) اشربه، واركب سيارة فارهه وأنا في داخلي اعرف أنها ثمن خيانتي لأمتي وعروبتي ، واسكن بيتا منيفا وأنا اعرف انه ثمن انسلاخي عن بني جلدتي وقبولي أن أكون بوقا ينفخ فيه الآخرون ، وأملك رصيدا في البنوك وأنا اعرف انه ثمن ذوباني واضمحلالي في أمم تدفع ثمن تبعيتي وأمعيتي لهم، واصبح مرتزقة تبيعني وتشتريني باقي الأمم ( رقيق) بلا تاريخ أو هدف أو مبدأ ، المهم عندي أن أكل واشرب كالأنعام بل أضل سبيلا.

وأن نحشوا عقول أبناء الأمة بتاريخهم وأمجادهم ومآثرهم ، ليعرفوا ماضي أجدادهم المشرف وصفاتهم الحميدة ،حتى يقتدوا بها خيرا من أن يكونوا طبولا جوفاء يقرعها كيفما يشاء كل مارق طريق وكل اصفر ممراض.

ومتى كانت الأفكار التي تدعو إلى الذل والصغار وانسلاخ الإنسان عن أمته وعن تاريخه وعن مبادئه تعد أفكار تقدمية ، لا بل هي أفكار الضعفاء واصحاب العقول الجوفاء و القلوب الرعشاء ( الجبناء )، والمأجورين الذين يبيعون أقلامهم ويرضون أن يعيشوا بلا هوية وبلا تاريخ ، وان تكون أيديهم هي السفلى ، يلتقطون لقم عيشهم المغموسة بالذل والهوان من أيدي أعدائهم وأسيادهم .

وهناك مواقف عز وفخار لأبناء أمتي ورجالها تستحق أن تكون مشاعل حرية ومناهل علم ومآثر تهتدي بها البشرية جمعاء ، اذكر منها القليل ، لأنها كثيرة لا يمكن أن نلخصها ولا حتى بمئات المقالات ، فالخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبثوبه المرقع ، يذهب ليتسلم مفاتيح بيت المقدس وعندما يدخل المدينة يستقبله أعيانها وأهلها وخادمه راكب على البغله وهو يقودها ، ولم ينقص ذلك من قدر عمر في نفوس مستقبلية ،لأن الناس تسمو بمبادئها وقيمها وتواضعها وهذا هو ا لجوهر وليس بثيابها وبخيلها ( القشور) .

وهذا الصحابي الجليل ربعي بن عامر رغم ثيابه الرثه ، ورغم ملامح وجهه والتي تدل على جوعه وفقره ، يطأ ببغلته على بساط رستم بخيلاء ، لم يتزعزع أيمانه وقلبه مما رأى أمامه من أسباب القوة والمنعة والثراء والتي كان رستم يحيط بها نفسه ، ولم يفلح رستم في شرائه رغم جزالة ما عرض من أثاث ومال ، وكان جوابه لرستم : نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

وفي معركة القادسية واثناء المبارزة ، استطاع غالب بن عبدالله الأسدي المنتفخ بالخيلاء لانه عربي ورغم جوعه ، أن يخطف القائد الفارسي الملك المتوج ( هرمز ) ويعود به أسيرا إلى قائده سعد بن ابي وقاص.

وليعلم الذين يسخرون من العرب ومن تاريخهم المجيد ، أننا لو لم نملك من تاريخ أمتنا العربية والإسلامية إلا الإرث العربي الجاهلي القديم والذي تكون من بقايا ديانة نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل ، وتراث العرب الجاهليين لكان هذا الإرث العظيم كافيا لكي نمشي بخيلاء وزهو وفخر ، وأن نتباها على باقي أمم الأرض ، والتي تاريخ إنشاء بيت قديم في بلاد العرب اقدم من تاريخ نشوء حضارة بعضها .

فأننا من أحفاد من يفنون القبيلة لأجارة المستجير ، ومن يذبح فرسه ليطعم الجائع والفقير ، 

ومن أحفاد من قال :

وأغض الطرف ما بدت لي جارتي * * * * حتى يواري جارتي مأواها 

ومن أحفاد من قال :

لا تسقني ماء الحياة بذلة * * * بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

ومن أحفاد من قالت :

ولبس عباءة وتقر عيني * * * أحب ألي من لبس الشفوف 

وبيت تخفق الأرياح فيه * * * أحب الي من قصر منيف 

ومن أحفاد ذلك العربي ( هانئ بن مسعود الشيباني ) والذي أجار عيال النعمان بن المنذر رغم أن الذي كان يطلبه إمبراطور دولة الفرس في ذلك الزمان ، ونتيجة ذلك وقعت معركة ذي قار التي انتصر فيها العرب . 

وانصح الذين يهمزون ويلمزون بالعرب ومن تاريخهم ، أن يقرأوا تاريخ العرب وأمجادهم واشعارهم في الجاهلية وفي الإسلام ، وان يقرأو ا قصة و جرأة رد الملك النعمان بن المنذر على كسرى عندما استخف واستهان بأمة العرب ، وكان عنده وفود وسفراء ملوك الأرض ، وذلك في باب الوفود والملوك ، كتاب العقد الفريد .

واخيرا ... إن تلاميذنا والذين بدأت تسلحهم امتنا العربية بسلاح العلم والمعرفة وتاريخ الأجداد المجيد ، سيكون لهم شأن في رفعة هذه الأمة واعادة أمجادها وسؤددها ولن يكونوا مثل بالون البروبوغندا كما يدعي البعض . 



احمد المعايطة

تعليقات